___________________________
قال تعالى في سورة النحل :﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾سورة النحل : آية رقم 68
بعض الاكتشافات الحديثة في عالم النحل
أكّد فريق فرنسي من علماء البيئة، لدى مركز دراسات السلوك الفطري عند الحيوانات، في خبر نشرته جريدة " الطبيعة" بتاريخ 18/06/ 2004...(1)، أنّهعلىالرغم من أنّ النحل يملك جهازاً عصبياً بسيط للغاية إلاّ أنّه بإمكانه أن يستوعب ويدرك الأشكال المرئية تماماً كما يفعله البشر وغيرهم من الحيوانات الذكية.
و لقد لاحظ هذا الفريق من العلماء، بعد سنوات من التجارب، أن النحل يدرك الصور والأشكال الطبيعية المعقدة بطريقة غريبة أكثر ممّا يوحي لنا حجم دماغها الصغير. فالجهاز العصبي لنحلة واحدة يحتوي على ما لا يزيد عن 950000خلية عصبية، يمكنه أن يفرّق ببراعة بين أشكال وخطوط هندسية موّجهة بصفة متفرقة، فهذه الحشرة التي متوسط عمرها هو أربعون يوماً (2) بإمكانها أن تفرّق بين هذه الخطوط الهندسية حتى ولو كانت هذه الخطوط محصورة داخل أشكال هندسية معقدّة التكوين ! الإنسان العاقل بإمكانه أن يفعل ذلك أيضا لكن بدماغ يحوي 100مليار خلية عصبية ! و بعبارة أخرى : بدل أن تحدد النحلة شجرة أو جذع أو كهف ثم تخزن أشكال هذه الصور في ذاكرتها لاستعمالها لاحقا كما تفعل باقي الحيوانات أو الحشرات الأخرى، فإنها تدرك هذه الأشياء بإشكالها التي تحددها ! و هذه الطريقة في إدراك الأشياء الطبيعية لا توجد إلاّ عند البشر ! كما لو أنّ النحل لا يسير وفقاً لغريزة ولكن وفقاً لإلهام، كل هذا أدى بالباحثين الفرنسيين إلى تساؤلات عديدة من بينها :
من الذي قاد النحل إلى التصرف وفقاً لهذا السلوك الغير اعتيادي لدى الحشرات؟!
و من أوجد في عقولهم الصغيرة هذا التوجيه البديع في رؤية الأشكال الطبيعية ؟ توجيه يتعدى عتبة الفطرة و السلوك التعودي؟
قام الفريق العلمي الذي يترأسه الباحث مارتن جيورفا بتدريب مجموعة من النحل في الفضاء على إستعاب أربع مضلّعات: واحدة أفقية وواحدة عمودية و اثنان قطرية موجهة نحو اتجاهات عديدة ومختلفة. وعبر هذه التجارب تمكنت مجموعة النحل هذه من التعرّف على كل الأشكال الهندسية بصفة محيرة للعلماء، أدى بهم لطرح سؤال مفاده: من أين لهم هذه القدرات الهائلة لتحليل الصور الهندسية المعقدة؟
وجه الإعجاز في الآية الكريمة.
في الآية رقم 68من سورة النحل نجد كلمة "أوحى" و هي كلمة جاء ذكرها في القرآن الكريم أكثر من أربعين، و لهذه الكلمة معنيين:الوحي بمفهومه المعهود لدينا و هو وحي كلام الله إلى رسله و أنبيائه كما قال عز و جل في سورة النساء ﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴾ سورة النساء : آية 163 ، و المعنى الثاني هو الوحي بمفهوم " الإلهام" كما جاء في قوله تعالى من سورة طه ﴿ إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى ﴾ سورة طه : آية رقم 38، والوحي في هذه الآية جاء بمعنى الإلهام و كذا بالنسبة للآية أعلاه من سورة النحل. وقال إبن كثير في تفسير هذه الآية ( الْمُرَاد بِالْوَحْيِ هُنَا الْإِلْهَام وَالْهِدَايَة وَالْإِرْشَاد لِلنَّحْلِ أَنْ تَتَّخِذ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا تَأْوِي إِلَيْهَا وَمِنْ الشَّجَر وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ هِيَ مُحْكَمَة فِي غَايَة الْإِتْقَان فِي تَسْدِيسهَا وَرَصّهَا بِحَيْثُ لَا يَكُون فِي بَيْتهَا خَلَل) وقال الطبري أيضا : (وَأَلْهَمَ رَبّك يَا مُحَمَّد النَّحْل إِيحَاء إِلَيْهَا) وذهب القرطبي إلى نفس ما ذهب إليه ابن كثبر والطبري، فقال في تفسيره: ( قَدْ مَضَى الْقَوْل فِي الْوَحْي وَأَنَّهُ قَدْ يَكُون بِمَعْنَى الْإِلْهَام, وَهُوَ مَا يَخْلُقهُ اللَّه تَعَالَى فِي الْقَلْب اِبْتِدَاء مِنْ غَيْر سَبَب ظَاهِر)
إن الله يخبرنا في كتابه المنزه أنّ النحل تدرك أشكال بيوتها من أشجار وجبال وفقاً لإلهام قذفه بحكمته تعالى في قلوبها وليس وفقاً لسلوك تعودي أو عادات مكتسبة، فراحت هذه المخلوقات الصغيرة تصنع العجب العجاب، وراحت تعجز الإنسان و علومه، وتصنع له أطيب وأنفع وأشفى شراب على وجه الأرض ! أليس هذا ما توصل إليه الباحثون الفرنسيون بعد أربعة عشر قرناً من بعد وحي الله لرسوله الكريم؟! كيف يمكن لبشر عاش في بيئة صحراوية بدائية أن يظهر حقيقة علمية كهذه إن لم يكن نبياً رسولا؟! حقيقة علمية كلّفت إنسان القرن الواحد والعشرين سنوات عديدة و تجارب كبيرة لإثباته ا؟! و لو اقتفى هذا الفريق من العلماء آثار هذه الحشرة الصغيرة لوجد أنّ إلهامها يقودها إلى أن تتبع سبل من ألهمها وصدق سبحانه إذ قال : ﴿ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ سورة النحل: آية رقم 69 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
النَّحْـلـة حشرة تعيش في جميع أنحاء العالم ماعدا المناطق القريبة من القطبين الشمالي والجنوبي. ويُعد النحل أكثر الحشرات فائدة. ويُنْتِجُ النحل العسل الذي يستعمله الناس غذاءً، كما ينتج شمع العسل الذي يُستعمَل في منتجات عديدة، منها الصمغ والشموع ومستحضرات التجميل. وهناك نحو 20,000 نوع من النحل، لكن النوع المعروف بنحل العسل هوالنوع الوحيد الذي يصنع العسل والشمع بكميات كبيرة تكفي الناس.
تمد الأزهار النحل بالغذاء. ويجمع النحل حبوب اللقاح الصغيرة وسائلاً حلوًا يُدعى الرحيق من الأزهار المتفتحة التي يحطُّ عليها. ويصنع النحل العسل من الرحيق ويستعمل كلاً من العسل وحبوب اللقاح غذاءً له. ينقل النحل حبوب اللقاح من زهرة إلى زهرة أخرى أثناء طيرانه، ويؤدي ذلك إلى حدوث تلقيح أو إخصاب للنباتات التي يحط عليها، مما يساعد النباتات على التكاثر. وتعتمد العديد من المحاصيل الغذائية المهمة بما فيها الفواكه والخضراوات على التلقيح الذي يتم عن طريق النحل.
اعتقد العلماء أن النحل، عبر السنين، ساعد على تكوين العديد من أصناف الزهور الموجودة حاليًا في العالم، وذلك عن طريق نشر حبوب اللقاح بين مختلف النباتات.
وللنحل، كما لمعظم الحشرات، ثلاثة أزواج من الأرجل وأربعة أجنحة، وللنحل أيضًا معدة خاصة تسمى معدة العسل التي يحمل فيها الرحيق. ولجميع إناث النحل إبر لسع تستعملها للدفاع عن نفسها.
يمكن بشكل عام أن يصنف النحل إلى مجموعتين: المجموعة الأولى تضم معظم أنواع النحل الانعزالي الوحيد الذي يعيش منفردًا، بينما تضم المجموعة الثانية نحل العسل والنحل الطنّان الذي تعيش ويعمل بعضه مع بعض في مجموعات أو مستعمرات كبيرة.
حقائق موجزة
أحافير النحل: وجدت محصورة في الكهرمان. ومن المحتمل أنها كانت تعيش منذ 80 مليون سنة.
أكبر نحلة: هي نحلة من النحل البنّاء يبلغ طولها نحو 4 سم. وأكبر نحلة عسل تسمى بنحلة العسل العملاقة. ويبلغ طولها نحو 20 ملم.
حجم مستعمرة النحل: تضم المستعمرة القوية والسليمة عددًا يتراوح بين 50 ألف و 60 ألف نحلة.
أصغر نحلة: عديمة اللسع طولها مليمتران فقط. والنحلة القزمة أو أصغر نحلة عسل طولها سنتيمتر واحد.
السرعة: تستطيع النحلة الشغالة أن تطير بسرعة 25 كم/ ساعة.
حاسة الذوق: يستطيع نحل العسل أن يُميز المذاق الحلو أو الحامض أو المالح أو المر.
الشغالة: تستطيع النحلة الشغالة أن تجمع خلال حياتها رحيقًا كافيًا لصناعة 45 جم من العسل.
مستعمرة نحل العسل
تتألف مستعمرة نحل العسل النموذجية من ملِكَة واحدة وآلاف الشغالات وبضع مئات من الذكور. والملكة هي أنثى نحل العسل التي تضع البيض. والشغالات تكون من نسل الملكة، وهن غير قابلات للإخصاب، والذكور هم النسل المذكر.
يعيش النحل في قفائر أو (خلايا نحل). والقفير مكان تخزين يشبه شجرة جوفاء أو صندوقًا يحتوي على قرص العسل. وقرص العسل كتلة من الحجيرات السداسية الشكل تُدْعى الخلايا. وتبني الشغالات قرص العسل من الشمع الذي تنتجه أجسامها. وتجمع أيضًا مادة لاصقة ُتْدعى العكَبر (المادة الراتينجية الشمعية القوام) أو ما يسمى بصمغ النحل من أنواع معينة من الأشجار. وتستعملها لترميم التصدُّعات في القفير.
يستعمل قرص النحل لتربية النحل الصغير وتخزين الغذاء. وتضع الملكة بيضة في كل خلية (حجيرة)، وذلك في جزء من أجزاء قرص العسل. وتوجد الخلايا التي تحتوي على البيض ويرقات النحل، بشكل عام، في وسط القفير. تُدْعى هذه المنطقة عش التفقيس أو الحضّانة. ويُخزِّن النحل حبوب اللقاح والعسل فوق عش الحضانة أو حوله. وتُسْتَعْمل الخلايا نفسها خلايا التحضين لأغراض مختلفة. وتستعمل العديد من هذه الخلايا في فصلي الربيع والصيف في تربية النحل الصغير. وتتوقف الحضانة والتفقيس في الخريف ويصبح العديد من هذه الخلايا جاهزًا لتخزين العسل في الشتاء.
يصبح محتوى القفير غنيمة جيدة من الغذاء لحيوانات كثيرة من المستعمرات الأخرى بما فيها النحل؛ لذلك يبقى عدد من الشغالات دائمًا في حراسة مدخل الخلية (القفير). ويمتاز النحل الموجود في كل خلية من الخلايا برائحته الخاصة المميزة. ويستطيع النحل الحارس أن يُمِّيز نحل الخلايا الأخرى من خلال رائحته.
يهاجم النحل الحارس الغرباء سواءً كانوا نحلاً من خارج المستعمرة أم حيوانات أم بشرًا. وعندما يكون التهديد للخلية كبيرًا، كأن يحاول دب زحزحة الخلية، يطلق النحل الحارس مادة كيميائية خاصة تدعى فيرمون. وتنبه رائحة الفيرمون التي تشبه رائحة الموز، النحل الآخر في الخلية ليأتي لمساعدة النحل الحارس.
جسم نحلة العسل
لنحلة العسل، كبقية الحشرات، جسم مقسم إلى ثلاثة أجزاء: الرأس والصدر والبطن. ومعدة العسل تقع في البطن. ويُغطَّى جسم النحلة بشعر كثيف وناعم. فعندما تنتقل النحلة من زهرة إلى زهرة أخرى، تلتصق حبوب اللقاح بهذا الشعر. ويتدرج النحل في اللون من الأسود إلى البني الخفيف. والذكور أكبر بقليل من الشغالات، والملكات أطول من كل من الشغالات والذكور.
العيون. للنحلة خمس عيون، ثلاث عيون صغيرة تشكل مثلثًا في أعلى رأسها، وعين كبيرة مركبة في كل جانب من جانبي رأسها. ولكل عين مركبة آلاف العدسات المتجمعة بالقرب من بعضها.
يُعَدُّ نحل العسل أول الحشرات التي عُرفت بأنها تستطيع أن تُميز الألوان. وللنحل ثلاثة أنواع من خلايا اللون الحساسة في عيونها. هذه الخلايا البصرية حساسة بشكل خاص إلى اللون الأزرق والأصفر والأشعة فوق البنفسجية التي لا يستطيع الإنسان أن يراها. ولايستطيع النحل، على كل حال، أن يميز اللون الأحمر. فهو، بالنسبة له، يمتزج باللون الأخضر. ويستطيع النحل أن يميز، بالإضافة إلى اللون، مختلف الأشكال الهندسية مثل الأشكال المختلفة لأصناف الأزهار.
قرون الاستشعار مجسّات دقيقة متصلة بعضها ببعض ومرتبطة بمقدمة الرأس. تحتوي هذه المجِسَّات على أعضاء دقيقة وحساسة تساعد على الشم. ومن المحتمل أن تعمل الشعيرات الدقيقة الموجودة على هذه القرون بمثابة أعضاء لَمْس.
الفم. تستعمل النحلة لسانها لتمتص الماء والرحيق والعسل إلى داخل فمها. واللسان أنبوب مرن خارج رأس النحلة، يمكن تقصيره وإطالته وتحريكه في جميع الاتجاهات. وعلى جانبي اللسان فكّان تستعملهما النحلة أداة لمسك الشمع وحبوب اللقاح.
تُربط الجدران الداخلية للفم بعضلات قوية، وتمتص النحلة الرحيق عبر لسانها، ومن خلال فمها إلى معدتها المخصصة للعسل. وتستطيع النحلة أن تعكس هذه العملية، بحيث تعمل على إعادة الغذاء من معدتها إلى الخارج من خلال الفم. وبهذه الطريقة تضع الشغالات الرحيق في خلايا الشمع أو تعطيه إلى نحلات أخرى.
الأجنحة. للنحلة جناحان رقيقان على كل جانب من جوانب الصدر. والجناحان الأماميان أكبر من الجناحين الخلفيين. وعندما تطير النحلة، يرتبط الجناحان الأماميان والجناحان الخلفيان الصغيران بوساطة خطاطيف توجد على طول حافة الأجنحة الأمامية.
تستطيع الأجنحة أن تتحرك إلى أعلى وأسفل، وإلى الأمام والخلف. وتستطيع النحلة أن تطير إلى الأمام وإلى الجوانب والخلف، كما أنها تستطيع أن ترفرف في مكان واحد في الهواء.
الأرجل. للنحلة ثلاث أرجل على كل جانب من صدرها. وفي كل رجل خمسة مفاصل رئيسية بالإضافة إلى أجزاء دقيقة تشكِّل القدم. وتستعمل النحلة الشغالة أرجلها في السير وتنظيف الطلع من جسمها، وفي التعامل مع الشمع. وتحمل الطلع والمادة الراتنجية على رجليها الخلفيتين.
ولكل رجل أمامية تركيب سني ثلمي يدعى منظف قرن الاستشعار، تستعمله النحلة لتنظيف الأوساخ من على قرون استشعارها.
وتوجد على كل رجل خلفية من الخارج، في أرجل شغالات النحل منطقة ملساء محاطة بشعر مقوس تدعى سلة حبوب اللقاح، وتستعمل لحمل حبوب اللقاح. تساعد الشعيرات الموجودة داخل الرجلين الخلفيتين على تفريغ حبوب اللقاح في السلة. وعندما تعود النحلة الشغالة إلى القفير (الخلية) تضع رجليها الخلفيتين في الخلية وترفس أو تفرغ حبوب اللقاح. وتقوم شغالة أخرى باستخدام رأسها لتسوية حبوب اللقاح في أسفل الخلية (الحجيرة).
اللَّسْع. تعتمد النحلة على إبر اللسع التي تُعَدُّ الوسيلة الوحيدة للدفاع عن مسكنها وحياتها. فتنتج الغدد المتصلة بإبرة اللسع مادة سامة تُدعى فينوم تتألف من مواد كيميائية معقدة.
تكون إبرة لسع النحلة الشغالة مستقيمة وعليها أشواك. وعندما تدفع النحلة بإبرة اللسع في الجسم، فإن الأشواك تتثبت بإحكام، ثم تخرج إبرة اللسع من جسم النحلة. وتستمر عضلات إبرة اللسع في الحركة، فتدفع إبرة اللسع بعمق داخل الجرح. وتعمل هذه العضلات في الوقت نفسه على دفع كثير من السم إلى أسفل إبرة اللسع، ثم تموت النحلة الشغالة بمجرد أن تفقد إبرة اللسع الخاصة بها.
للملكة إبرة لسع ملساء منحنية تستعملها فقط لقتل ملكات أخرى. ولاتفقد الملكات إبر اللسع كما يحدث للشغالات. أما الذكور فليس لها إبر لاسعة.
ُتسِّبب لسعة النحلة ألمًا مفاجئًا، حيث يؤدي السم إلى حدوث ألم متواصل وتورُّم. ويجب على الشخص لسعته نحلة أن ينزع إبرة اللسع حالاً، كما يجب أن يكون حريصًا على عدم ضغط هذه الإبرة أو عصرها. وهذا يؤدي إلى خفض كمية السم التي تدخل الجرح. وبعض الناس حساسون جدًا للسعات النحل، ومن المحتمل أن يموتوا من لسعة واحدة إذا لم يبادر الطبيب بعلاجهم.
وفي السبعينيات من القرن العشرين الميلادي، أصبح بعض علماء الولايات المتحدة قلقين من احتمال انتشار حشود من النحل الوحشي (النحل القاتل) الأمريكي الجنوبي في أمريكا الشمالية، فيما لو تمت مضايقته أو أُزعجت خلاياه، حيث يهاجم هذا النحل كل شيء يتحرك. وهو يهاجم بأعداد ضخمة. وإبره قد تؤدي إلى قتل الإنسان والحيوان. ولقد تكاثر هذا النحل في البرازيل في أوائل الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن العشرين.
وقد استورد أحد الباحثين بعضًا من نحل العسل الإفريقي الشرس الذي أنتج كميات كبيرة من العسل. وبعض مستعمرات النحل هربت وبعض ملكاتها تزاوجت مع الذكور المحلية. وانتشرت الأنسال الناتجة بسرعة كبيرة في أنحاء كثيرة من جنوبي أمريكا. وفي نهاية الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي، وصلت هذه الأنسال إلى المكسيك، وكان من المتوقع أن تصل إلى الولايات المتحدة في التسعينيات من القرن العشرين. ولكن الخبراء تنبأوا بعدم قدرتها على العيش والانتشار كثيرًا شمالي خط عرض 34°. لذلك رأوا أن يقتصر وجودها على جنوبي الولايات المتحدة الأمريكية. وفي عام 1985م، تم تدمير مستعمرة معزولة من هذا النحل في ولاية كاليفورنيا.
تنظيم درجة حرارة الجسم. لكي يطير نحل العسل، يجب أن يحافظ على درجة حرارة عضلات الطيران وهي 30°م في الأقل. عندما يكون نحل العسل في حالة الطيران، فإن الحرارة المنبعثة من الطاقة التي يستعملها كافية للحفاظ على عضلات الطيران دافئة.
ويرتعش النحل في حالة عدم الطيران لكي يبقى دافئًا. وبخلاف معظم الحشرات الأخرى، فإن نحل العسل لايلجأ إلى السُبات خلال فصل الشتاء، وبدلاً من ذلك، فإن النحل يتجمع بشكل عنقود كثيف في القفير أو الخلية. ويبقى النحل المتجمع في حالة دفء عن طريق الارتعاش والازدحام لمنع فقد الحرارة.
ويستطيع النحل أيضًا مقاومة الحرارة الزائدة في الخلية. ويبقى النحل في الخلية الحارة بشكل أقل ازدحامًا للسماح بمرور تيارات هوائية فيما بينها. كما أنها تجمع الماء وتنشره في الخلية، وعندما يتبخر الماء يعمل على تبريد الخلية.
حياة نحلة العسل
من البيضة إلى الحشرة الكاملة. ينشأ النحل من البيض الذي تضعه الملكة، حيث يضع الذكر خلال عملية التزاوج السائل المنوي (سائل مخصب) داخل جسم الملكة. يحتوي هذا السائل على نطف (خلايا جنسية ذكرية). وتُخزِّن الملكة هذه الحيوانات المنوية في جراب داخل بطنها. فإذا أُطلقت الملكة حيوانات منوية على بيضة ما، فإنها تفقس نحلة شغالة، وإذا لم تُخصب بحيوان منوي، فإن البيضة تفقس ذكرًا.
ولون بيض نحل العسل أبيض لؤلؤي وبحجم رأس الدبوس. وتبدأ النحلة بالتطور حالما تضع الملكة البيضة. وتنفقس البيضة بعد ثلاثة أيام من وضعها، وتخرج منها يرقة على شكل دودة صغيرة تزحف خارج البيضة. تضع الشغالات الغذاء اليرقي الذي يدعى الهلام أو الغذاء الملكي في أسفل كل خلية من عش الحضانة.
والهلام الملكي مادة قشدية غنية بالفيتامينات والبروتينات. ويتم تشكيله عن طريق الغدد الموجودة في رأس الشغالات الفتية. وعندما يصبح عمر اليرقة ثلاثة أيام تغذيها الشغالات بخليط من العسل وحبوب اللقاح الذي يُدْعى خبز النحل.
تبني الشغالات الغطاء الشمعي فوق الخلايا بعد نحو خمسة أيام من انفقاس اليرقة. وبعدها يحدث التغيُّر الكبير، فتتحول اليرقة الشبيهة بالدودة إلى خادرة. وبعدها تنمو لتصبح حشرة كاملة. تخرق الحشرة الكاملة خليتها المغلقة بعد 21 يومًا من وضع البيض، بينما يستغرق الذكر 24 يومًا ليتطور أو ينمو.
نمو الملكة. تحتاج المستعمرة إلى ملكة جديدة إذ اختفت الملكة القديمة أو أصبحت ضعيفة. ويتطلب الأمر ملكة جديدة أيضًا إذ قررت الملكة القديمة، أو جزء من نحل المستعمرة، المغادرة وبناء خلية جديدة.
تختار الشغالات بطريقة نجهلها بعض اليرقات لتصبح ملكات، فيغذين هذه اليرقات على الغذاء الملكي فقط. وفي الوقت نفسه، تبني شغالات أخرى خلايا خاصة لتنمو بها الملكات. وتشبه خلية الملكة نصف الغلاف الخارجي لحبة الفول السوداني معلقة في قرص العسل. وتتحول يرقة الملكة إلى خادرة بعد خمسة أيام ونصف اليوم من فقسها. وتزحف الملكة خارج شرنقتها بعد 16 يومًا من وضع البيض. ويعتقد العلماء أن بإمكان الشغالات أن يضفن مادة خاصة للغذاء الملكي المخصص للملكة ليجعلن نموها أكثر سرعة وتأخذ شكلاً مختلفًا عنهن.
طيران التزاوج. عندما تخرج الملكة الصغيرة من خليتها الخاصة، فإن النحل في المستعمرة لا يهتم بها كثيرًا. تتغذى هذه الملكات بالعسل فتزداد قوة. فإذا خرجت ملكتان في وقت واحد، فإنهما تتقاتلان حتى تلسع إحداهما الأخرى لسعة مميتة. فالملكة القديمة يمكن أن تغادر الخلية أو تتقاتل مع الملكة الجديدة. وبعد أن تتخلص الملكة الفتية من خصومها تطير خارج القفير أو الخلية. ويمكن أن تتزاوج الملكة مع ذكر واحد فقط أو مع عدة ذكور في بعض الأحيان ثم تعود الملكة الفتية إلى الخلية لتضع البيض بعد يومين أو ثلاثة أيام. وتستطيع الملكة بعد هذا التزاوج أن تضع البيض حتى نهاية حياتها. وتستطيع الملكة أن تعيش حتى يصل عمرها إلى خمس سنوات، وهي تضع نحو مليون بيضة خلال فترة حياتها.
التطريد. عندما تزدحم المستعمرة وتقل قدرة الملكة على وضع البيض؛ أن يتطور هذا البيض إلى خادرات، تُغطي الشغالات الخلايا بالشمع. وبعد أيام قليلة من تغطية خلايا الملكات الجديدات بالشمع، تغادر الشغالات مع الملكة القديمة الخلية على شكل طَرد (سِرْب). ويُسمى طيرانها أو نزوحها لتشكيل مستعمرة جديدة التطريد. وتبقى بعض الشغالات في الخلية للعناية باليرقات والملكة الجديدة.
ويتجمع الطرد على شكل عنقود حول غصن أو دعامة بعد ترك الخلية. وبعدها تبحث الشغالات التي تُسمَّى الكشافات عن موقع جديد للمستعمرة. وكل نحلة تعود إلى الطرد وتقوم برقصات خاصة لشرح المسافة واتجاه الموقع الذي وجدته لباقي النحل. ومن ثَمَّ يبدأ النحل الكشَّاف بالتحري عن مواقع بعضه بعضًا. وبإشارة خاصة، يُسافر الطرد كله إلى أي موقع من هذه المواقع، الذي يبدو أنه الأفضل. والذي يقود الطريق إلى الموقع الجديد هو النحل المخطَّط. ثم تتبعه الملكة.
البحث عن الغذاء. تمدُّ الأزهار النحل بحبوب اللقاح والرحيق اللذيْن يستعملهما غذاءً. وتُعدُّ حبوب اللقاح مصدرًا لإمداد النحل الفتي بالدهون والبروتينات والفيتامينات والمواد المعدنية المهمة. ويُعَدُّ السكر الموجود في الرحيق مصدرًا أساسيًا للطاقة.
تبحث النحلة الكشَّافة عن الغذاء للخلية، وعندما تجد الغذاء تعود إلى الخلية وتستعمل الرقص لتخبر النحل الآخر بمكان الغذاء اعتمادًا على اتجاه الشمس. والرقص يشبه الرقص الذي يستعمله النحل الكشاف ليدل على مكان الموقع المناسب للخلية الجديدة.
فإذا كان الغذاء موجودًا باتجاه الشمس، فإن نحلة كشافة تؤدي سلسلة من الحركات السريعة على شكل الرقم ( على قرص العسل. أما إذا كان الغذاء موجودًا بمقدار 30° إلى يمين اتجاه الشمس، فإنها تؤدي سلسلة من الحركات بمقدار 30° إلى يمين الخط الوهمي العمودي على قرص العسل. ويدل الرقص كذلك على مسافة الغذاء. فكلما كان رقص النحلة الكشافة سريعًا كانت مسافة الغذاء قريبة.
صناعة العسل. للأزهار غدد خاصة تدعى الغدد الرحيقية التي تنتج الرحيق. تمتص شغالات نحل العسل الرحيق من الأزهار بألسنتها الطويلة وتخزنه في معدة العسل. فعندما تملأ النحلة معدة العسل بالرحيق، تعود إلى الخلية وتخرج الرحيق من فمها. وهي تعطي هذا الرحيق إلى نحلة أخرى، أو تضعه في خلية فارغة في القفير. وبعدها تعمل الشغالات الموجودات في القفير على إضافة إنزيمات معينة إلى الرحيق. وعندما يتبخر الماء من الرحيق، يبدأ بالتحول إلى عسل.
تضع الشغالات أغطية من الشمع على الخلايا المملوءة بالعسل. ويجمع مربو النحل العسل من الأقراص، لكنهم يتركون قسمًا كافيًا من العسل في القفير لتغذية النحل. انظر: عسل النحل.
صناعة الشمع. تتطور غددٌ خاصةٌ منتجةٌ للشمع في بطون الشغالات وعمرها عشرة أيام تقريبًا. وتأكل الشغالات كميات كبيرة من العسل، وتعمل الغدد الشمعية على تحويل سكر العسل إلى شمع.
يتسرب الشمع من خلال ثقوب صغيرة في الجسم ويشكل رقائق بيضاء على الوجه الخارجي للبطن، وتشكل النحلة عادة ثماني رقائق في وقت واحد. وتنزع النحلة الرقائق من على بطنها بوساطة أرجلها رافعة إياها إلى فكّيْها. وبعد أن تمضغ النحلة الشمع، تضعه على جزء من قرص العسل الذي تبنيه. وتنتج النحلة شمع النحل عندما تحتاجه لبناء قرص العسل. وتضع النحلة الشمع بشكلٍ عام ابتداءً من اليوم العاشر وحتى اليوم السادس عشر من حياتها. انظر: شمع النحل.
تقسيم العمل. وضع البيض عمل الملكة الوحيد. تضع الملكة البيض في الربيع بمعدل 2,000 بيضة في اليوم، أي بيضة واحدة كل نحو 43 ثانية. والعمل الوحيد الذي تقوم به الذكور هو إخصاب الملكة فقط. ولا تتزاوج في العادة ذكور نحل العسل مع ملكة الخلية التي تعيش فيها.
ومن المحتمل أن تطير بعيدًا لعدة أميال عن خلاياها لتتزاوج مع ملكات من خلايا أخرى. توجد الذكور في المستعمرة خلال الصيف فقط. فهي تعتمد على الشغالات في التغذية لأن ألسنتها ليست طويلة طولاً يمكنها من الحصول على الرحيق. وعندما يصبح الغذاء قليلاً في الخريف تطردها الشغالات خارج الخلية لتموت.
ولا تضع الشغالات بيضًا ولا تتزاوج ولكنها تقوم بإنجاز أعمال مختلفة أخرى. ففي الأيام الثلاثة الأولى من العمر تقوم الشغالة بتنظيف الخلية، كما تقضي بعدها عدة أيام في تغذية نحل العسل وتنميته. ثم تبدأ الشغالة بعد ذلك إنتاج الشمع وبناء خلايا قرص العسل، وبعد الانتهاء من بناء قرص العسل، تقف الشغالات لحراسة مدخل الخلية وتتسلم الرحيق المجموع عن طريق النحل الآخر. وعندما يصبح عمر الشغالة ثلاثة أسابيع، تبدأ البحث عن الغذاء. وتواصل هذا العمل حتى نهاية حياتها. وخلال أيام الصيف المليئة بالعمل، يمكن للشغالات أن تعيش ستة أسابيع فقط، وخلال الأشهر التي يقل فيها العمل في الخريف والشتاء يمكن للشغالات أن يعشن عدة شهور.
أعداء النحل
. للنحل أعداءٌ كثيرون. فالدِّببة وغُرَيْرات العسل والنمل وحيوانات أخرى يمكن أن تُدمّر خلايا النحل أثناء بحثها عن العسل. وهناك أعداء آخرون من الطيور مثل صقر العسل (حوام النحل) ودليل المناحل وآكل النحل (الوروار)، وكلها متخصصة في أكل النحل والزنابير. وديدان الشمع يمكن أن تدمر المستعمرة الضعيفة عن طريق تناول شمع قرص العسل. وتحاول الشغالات أن يلسعن الغزاة لسعات مميتة، ولكنهن لا يفلحن بشكل دائم. وتصطاد الدبابير التي تسمى قاتلات النحل الشغالات فتشلها وتضع بيضها عليها. فعندما تفقس يرقات الدبور، فإنها تتغذى بجسم النحلة المشلولة. وهناك بقٌ يدعى سفاح النحل متخصص في التغذية بالنحل الذي يمسك به على الأزهار. وتهاجم الطفيليات التي تُدعى سوس نحل العسل (القمل) النحل الصغير. وقد دمر هذا السوس آلاف الخلايا في كل من آسيا وأوروبا والأمريكتين الشمالية والجنوبية.
يقع كل من النحل الصغير والمكتمل النمو أحيانًا ضحية لأمراض عفن الحضانة الأوروبي وعفن الحضانة الأمريكي، إذ يمكن أن يحول هذا المرض النحل إلى كتلة صمغية لا حياة فيها. وتؤدي أيضًا بعض العمليات الزراعية التي يمارسها الإنسان إلى قتل النحل، مثل استخدام المبيدات الحشرية التي تتسبب في قتل أعداد كبيرة من النحل سنويًا. كما أن استخدام مبيدات الحشائش يؤدي إلى إزالة الحشائش التي تُعدُّ أزهارها مصدرًا غذائيًا مهمًا للنحل.
أنواع النحل
هنالك نحو 20,000 نوع من النحل. يمكن تقسيمها إلى مجموعتين رئيسيتين: النحل الاجتماعي والنحل الانعزالي (غير الاجتماعي). ويعيش النحل الاجتماعي في مستعمرات، بينما يعيش النحل الانعزالي وحيدًا. ومعظم أنواع النحل من النوع الانعزالي (غير الاجتماعي).
النحل الاجتماعي. يعيش هذا النوع في مستعمرات يتراوح عدد النحل في المستعمرة الواحدة فيها ما بين 10- إلى - 80,000 نحلة. ويبدو أن نحل العسل يعيش في مجتمعات أكثر تطورًا من الأنواع الأخرى. والنحل الطنَّان والنحل غير اللاسع يشبه نحل العسل في تطوره الاجتماعي.
النحل غير اللاسع له إبرُ لسع صغيرة، ولكن لايستعملها بمثابة أسلحة، ويفضِّل أن يعضّ بفكيه. ويعيش هذا النوع من النحل في المناطق المدارية وشبه المدارية فقط.
يختلف حجم النحل غير اللاسع حيث يصل أكبر حجم له إلى حجم نحل العسل، في حين يصل أصغر حجم له إلى حجم البعوضة. يبني النحل غير اللاسع الأعشاش على الأشجار، وعلى الجدران، وفي خلايا بسيطة، أو في مناطق مكشوفة، ويبني أقراص عسله عادة في طبقات أفقية. ويحيط جدار خارجي بالعش عدا مدخل صغير. وتحتوي المستعمرات على عددٍ من النحل يتراوح بين 50 و عشرات الآلاف من النحل.
ويخزن بعض النحل الكبير غير اللاسع العسل. وقد كان هذا العسل، لفترة طويلة، مصدر غذاء مهمًا للناس في جميع المناطق المدارية.
النحل الطنان يعيش في مستعمرات مؤلَّفة من عدد يتراوح، بين 50 وعدة مئات من النحل. ولعسله طعم سائغ، لكن تحتوي أعشاشه على كميات قليلة.
النحل الانعزالي (غير الاجتماعي). يعيش هذا النوع منفردًا، ولكن في بعض الأحيان، تتجمع آلاف من النحل الانعزالي في منطقة صغيرة وتبني أعشاشها قريبة من بعضها بعضًا. ولا يوجد هناك شغالات بين النحل الانفرادي. فكل أنثى تشبه الملكة تنجز عملها الخاص بها، حيث تبني عشها الخاص وتخزن الطلع والرحيق فيه. وبعد ذلك تضع بيضة على الطلع في كل خلية وتغلق العش ثم تطير بعيدًا. وعندما ينفقس البيض، تتغذى اليرقات بالغذاء المخزن. ومن أهم أنواع النحل الانعزالي نحل الخشب والنحل القاطع للأوراق ونحل المناجم والنحل البنَّاء والنحل الوقواقي.
نحل الخشب يبني أعشاشه على رؤوس الأغصان أو الفروع. تحفر الأنثى نفقًا وتضع حبوب اللقاح والرحيق في أسفله ثم تضع بيضة واحدة. كما تنشر قليلاً من نشارة خشب ملتصقة بعضها ببعض بوساطة لعابها في أعلى الخلية. ويكون هذا السطح قاعدة للخلية التي تأتي فوقها. والنفق سلسلة من الخلايا وكل خلية منه تحتوي على غذاء وبيضة واحدة.
النحل القاطع للأوراق يعمل على تقطيع الأوراق إلى قطع صغيرة، ويجمعها على شكل أعشاش صغيرة ضمن أنفاق، ويضع البيض على الغذاء الذي وضعه في الأعشاش. ويمكن أن يبني أنفاقه في الأرض وعلى الأغصان أو في قطع من الخشب الطري. ويمكن أن يحتوي النفق الواحد على ست خلايا أو أكثر حيث توجد الواحدة فوق الأخرى.
نحل المناجم عادة يحفر أنفاقًا في الأرض، وتُظهر بعض الأصناف ميلها إلى تكوين حياة اجتماعية.
وبعد أن يحفر عدد قليل من النحل قناة رئيسية، تبدأ كل أنثى بحفر قناة قصيرة في جوانب الجدران. وتعمل الأنثى على إمداد هذه القناة القصيرة بحبوب اللقاح والرحيق، ثم تضع البيضة على هذا الطعام. وتضع بعض أصناف نحل المناجم حارسًا على المدخل الرئيسي للقناة، فيهاجم هذا الحارس أي غريب عن الخلية.
النحل البنَّاء يبني في بعض الأحيان أعشاشه في الخشب المتحلل أو في قواقع الحلزون. يعمل أحد هذه الأصناف على تقوية قوقعة الحلزون بلعابه وأجزاء صغيرة من الحجارة. تضع الأنثى الغذاء في القوقعة ثم تضع بيضة ومن ثم تعمل على تغطية كامل العش بالأعشاب الجافة أو الأغصان أو بأوراق الصنوبر. وهنالك صنف آخر من النحل البنَّاء يبني عشه على الجدار أو على صخرة كبيرة فيجمع الطين ويبلله باللعاب ويشكل خلايا تلتصق على الجدار، وتمد الأنثى الخلايا بالغذاء وتضع بيضة في كل خلية. ثم تغطي مجموعة الخلايا بمزيج من الطين واللعاب. ويجف الطين ويتصلب ويحمي البيض.
النحل الوقواقي لايبني أعشاشه، ولا يستطيع تزويد صغاره بالغذاء لأنه بدون سلال طلع في أرجله الخلفية. تضع بعض أصناف النحل الوقواقي بيضها في أعشاش النحل الانعزالي الآخر. فتفقس يرقات النحل الوقواقي أولاً وتأكل الغذاء قبل أن تفقس اليرقات الأخرى.
يتبع بحشرات و حيوانات أخرى بإذن الله...
قال تعالى في سورة النحل :﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾سورة النحل : آية رقم 68
بعض الاكتشافات الحديثة في عالم النحل
أكّد فريق فرنسي من علماء البيئة، لدى مركز دراسات السلوك الفطري عند الحيوانات، في خبر نشرته جريدة " الطبيعة" بتاريخ 18/06/ 2004...(1)، أنّهعلىالرغم من أنّ النحل يملك جهازاً عصبياً بسيط للغاية إلاّ أنّه بإمكانه أن يستوعب ويدرك الأشكال المرئية تماماً كما يفعله البشر وغيرهم من الحيوانات الذكية.
و لقد لاحظ هذا الفريق من العلماء، بعد سنوات من التجارب، أن النحل يدرك الصور والأشكال الطبيعية المعقدة بطريقة غريبة أكثر ممّا يوحي لنا حجم دماغها الصغير. فالجهاز العصبي لنحلة واحدة يحتوي على ما لا يزيد عن 950000خلية عصبية، يمكنه أن يفرّق ببراعة بين أشكال وخطوط هندسية موّجهة بصفة متفرقة، فهذه الحشرة التي متوسط عمرها هو أربعون يوماً (2) بإمكانها أن تفرّق بين هذه الخطوط الهندسية حتى ولو كانت هذه الخطوط محصورة داخل أشكال هندسية معقدّة التكوين ! الإنسان العاقل بإمكانه أن يفعل ذلك أيضا لكن بدماغ يحوي 100مليار خلية عصبية ! و بعبارة أخرى : بدل أن تحدد النحلة شجرة أو جذع أو كهف ثم تخزن أشكال هذه الصور في ذاكرتها لاستعمالها لاحقا كما تفعل باقي الحيوانات أو الحشرات الأخرى، فإنها تدرك هذه الأشياء بإشكالها التي تحددها ! و هذه الطريقة في إدراك الأشياء الطبيعية لا توجد إلاّ عند البشر ! كما لو أنّ النحل لا يسير وفقاً لغريزة ولكن وفقاً لإلهام، كل هذا أدى بالباحثين الفرنسيين إلى تساؤلات عديدة من بينها :
من الذي قاد النحل إلى التصرف وفقاً لهذا السلوك الغير اعتيادي لدى الحشرات؟!
و من أوجد في عقولهم الصغيرة هذا التوجيه البديع في رؤية الأشكال الطبيعية ؟ توجيه يتعدى عتبة الفطرة و السلوك التعودي؟
قام الفريق العلمي الذي يترأسه الباحث مارتن جيورفا بتدريب مجموعة من النحل في الفضاء على إستعاب أربع مضلّعات: واحدة أفقية وواحدة عمودية و اثنان قطرية موجهة نحو اتجاهات عديدة ومختلفة. وعبر هذه التجارب تمكنت مجموعة النحل هذه من التعرّف على كل الأشكال الهندسية بصفة محيرة للعلماء، أدى بهم لطرح سؤال مفاده: من أين لهم هذه القدرات الهائلة لتحليل الصور الهندسية المعقدة؟
وجه الإعجاز في الآية الكريمة.
في الآية رقم 68من سورة النحل نجد كلمة "أوحى" و هي كلمة جاء ذكرها في القرآن الكريم أكثر من أربعين، و لهذه الكلمة معنيين:الوحي بمفهومه المعهود لدينا و هو وحي كلام الله إلى رسله و أنبيائه كما قال عز و جل في سورة النساء ﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴾ سورة النساء : آية 163 ، و المعنى الثاني هو الوحي بمفهوم " الإلهام" كما جاء في قوله تعالى من سورة طه ﴿ إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى ﴾ سورة طه : آية رقم 38، والوحي في هذه الآية جاء بمعنى الإلهام و كذا بالنسبة للآية أعلاه من سورة النحل. وقال إبن كثير في تفسير هذه الآية ( الْمُرَاد بِالْوَحْيِ هُنَا الْإِلْهَام وَالْهِدَايَة وَالْإِرْشَاد لِلنَّحْلِ أَنْ تَتَّخِذ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا تَأْوِي إِلَيْهَا وَمِنْ الشَّجَر وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ هِيَ مُحْكَمَة فِي غَايَة الْإِتْقَان فِي تَسْدِيسهَا وَرَصّهَا بِحَيْثُ لَا يَكُون فِي بَيْتهَا خَلَل) وقال الطبري أيضا : (وَأَلْهَمَ رَبّك يَا مُحَمَّد النَّحْل إِيحَاء إِلَيْهَا) وذهب القرطبي إلى نفس ما ذهب إليه ابن كثبر والطبري، فقال في تفسيره: ( قَدْ مَضَى الْقَوْل فِي الْوَحْي وَأَنَّهُ قَدْ يَكُون بِمَعْنَى الْإِلْهَام, وَهُوَ مَا يَخْلُقهُ اللَّه تَعَالَى فِي الْقَلْب اِبْتِدَاء مِنْ غَيْر سَبَب ظَاهِر)
إن الله يخبرنا في كتابه المنزه أنّ النحل تدرك أشكال بيوتها من أشجار وجبال وفقاً لإلهام قذفه بحكمته تعالى في قلوبها وليس وفقاً لسلوك تعودي أو عادات مكتسبة، فراحت هذه المخلوقات الصغيرة تصنع العجب العجاب، وراحت تعجز الإنسان و علومه، وتصنع له أطيب وأنفع وأشفى شراب على وجه الأرض ! أليس هذا ما توصل إليه الباحثون الفرنسيون بعد أربعة عشر قرناً من بعد وحي الله لرسوله الكريم؟! كيف يمكن لبشر عاش في بيئة صحراوية بدائية أن يظهر حقيقة علمية كهذه إن لم يكن نبياً رسولا؟! حقيقة علمية كلّفت إنسان القرن الواحد والعشرين سنوات عديدة و تجارب كبيرة لإثباته ا؟! و لو اقتفى هذا الفريق من العلماء آثار هذه الحشرة الصغيرة لوجد أنّ إلهامها يقودها إلى أن تتبع سبل من ألهمها وصدق سبحانه إذ قال : ﴿ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ سورة النحل: آية رقم 69 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
النَّحْـلـة حشرة تعيش في جميع أنحاء العالم ماعدا المناطق القريبة من القطبين الشمالي والجنوبي. ويُعد النحل أكثر الحشرات فائدة. ويُنْتِجُ النحل العسل الذي يستعمله الناس غذاءً، كما ينتج شمع العسل الذي يُستعمَل في منتجات عديدة، منها الصمغ والشموع ومستحضرات التجميل. وهناك نحو 20,000 نوع من النحل، لكن النوع المعروف بنحل العسل هوالنوع الوحيد الذي يصنع العسل والشمع بكميات كبيرة تكفي الناس.
تمد الأزهار النحل بالغذاء. ويجمع النحل حبوب اللقاح الصغيرة وسائلاً حلوًا يُدعى الرحيق من الأزهار المتفتحة التي يحطُّ عليها. ويصنع النحل العسل من الرحيق ويستعمل كلاً من العسل وحبوب اللقاح غذاءً له. ينقل النحل حبوب اللقاح من زهرة إلى زهرة أخرى أثناء طيرانه، ويؤدي ذلك إلى حدوث تلقيح أو إخصاب للنباتات التي يحط عليها، مما يساعد النباتات على التكاثر. وتعتمد العديد من المحاصيل الغذائية المهمة بما فيها الفواكه والخضراوات على التلقيح الذي يتم عن طريق النحل.
اعتقد العلماء أن النحل، عبر السنين، ساعد على تكوين العديد من أصناف الزهور الموجودة حاليًا في العالم، وذلك عن طريق نشر حبوب اللقاح بين مختلف النباتات.
وللنحل، كما لمعظم الحشرات، ثلاثة أزواج من الأرجل وأربعة أجنحة، وللنحل أيضًا معدة خاصة تسمى معدة العسل التي يحمل فيها الرحيق. ولجميع إناث النحل إبر لسع تستعملها للدفاع عن نفسها.
يمكن بشكل عام أن يصنف النحل إلى مجموعتين: المجموعة الأولى تضم معظم أنواع النحل الانعزالي الوحيد الذي يعيش منفردًا، بينما تضم المجموعة الثانية نحل العسل والنحل الطنّان الذي تعيش ويعمل بعضه مع بعض في مجموعات أو مستعمرات كبيرة.
حقائق موجزة
أحافير النحل: وجدت محصورة في الكهرمان. ومن المحتمل أنها كانت تعيش منذ 80 مليون سنة.
أكبر نحلة: هي نحلة من النحل البنّاء يبلغ طولها نحو 4 سم. وأكبر نحلة عسل تسمى بنحلة العسل العملاقة. ويبلغ طولها نحو 20 ملم.
حجم مستعمرة النحل: تضم المستعمرة القوية والسليمة عددًا يتراوح بين 50 ألف و 60 ألف نحلة.
أصغر نحلة: عديمة اللسع طولها مليمتران فقط. والنحلة القزمة أو أصغر نحلة عسل طولها سنتيمتر واحد.
السرعة: تستطيع النحلة الشغالة أن تطير بسرعة 25 كم/ ساعة.
حاسة الذوق: يستطيع نحل العسل أن يُميز المذاق الحلو أو الحامض أو المالح أو المر.
الشغالة: تستطيع النحلة الشغالة أن تجمع خلال حياتها رحيقًا كافيًا لصناعة 45 جم من العسل.
مستعمرة نحل العسل
تتألف مستعمرة نحل العسل النموذجية من ملِكَة واحدة وآلاف الشغالات وبضع مئات من الذكور. والملكة هي أنثى نحل العسل التي تضع البيض. والشغالات تكون من نسل الملكة، وهن غير قابلات للإخصاب، والذكور هم النسل المذكر.
يعيش النحل في قفائر أو (خلايا نحل). والقفير مكان تخزين يشبه شجرة جوفاء أو صندوقًا يحتوي على قرص العسل. وقرص العسل كتلة من الحجيرات السداسية الشكل تُدْعى الخلايا. وتبني الشغالات قرص العسل من الشمع الذي تنتجه أجسامها. وتجمع أيضًا مادة لاصقة ُتْدعى العكَبر (المادة الراتينجية الشمعية القوام) أو ما يسمى بصمغ النحل من أنواع معينة من الأشجار. وتستعملها لترميم التصدُّعات في القفير.
يستعمل قرص النحل لتربية النحل الصغير وتخزين الغذاء. وتضع الملكة بيضة في كل خلية (حجيرة)، وذلك في جزء من أجزاء قرص العسل. وتوجد الخلايا التي تحتوي على البيض ويرقات النحل، بشكل عام، في وسط القفير. تُدْعى هذه المنطقة عش التفقيس أو الحضّانة. ويُخزِّن النحل حبوب اللقاح والعسل فوق عش الحضانة أو حوله. وتُسْتَعْمل الخلايا نفسها خلايا التحضين لأغراض مختلفة. وتستعمل العديد من هذه الخلايا في فصلي الربيع والصيف في تربية النحل الصغير. وتتوقف الحضانة والتفقيس في الخريف ويصبح العديد من هذه الخلايا جاهزًا لتخزين العسل في الشتاء.
يصبح محتوى القفير غنيمة جيدة من الغذاء لحيوانات كثيرة من المستعمرات الأخرى بما فيها النحل؛ لذلك يبقى عدد من الشغالات دائمًا في حراسة مدخل الخلية (القفير). ويمتاز النحل الموجود في كل خلية من الخلايا برائحته الخاصة المميزة. ويستطيع النحل الحارس أن يُمِّيز نحل الخلايا الأخرى من خلال رائحته.
يهاجم النحل الحارس الغرباء سواءً كانوا نحلاً من خارج المستعمرة أم حيوانات أم بشرًا. وعندما يكون التهديد للخلية كبيرًا، كأن يحاول دب زحزحة الخلية، يطلق النحل الحارس مادة كيميائية خاصة تدعى فيرمون. وتنبه رائحة الفيرمون التي تشبه رائحة الموز، النحل الآخر في الخلية ليأتي لمساعدة النحل الحارس.
جسم نحلة العسل
لنحلة العسل، كبقية الحشرات، جسم مقسم إلى ثلاثة أجزاء: الرأس والصدر والبطن. ومعدة العسل تقع في البطن. ويُغطَّى جسم النحلة بشعر كثيف وناعم. فعندما تنتقل النحلة من زهرة إلى زهرة أخرى، تلتصق حبوب اللقاح بهذا الشعر. ويتدرج النحل في اللون من الأسود إلى البني الخفيف. والذكور أكبر بقليل من الشغالات، والملكات أطول من كل من الشغالات والذكور.
العيون. للنحلة خمس عيون، ثلاث عيون صغيرة تشكل مثلثًا في أعلى رأسها، وعين كبيرة مركبة في كل جانب من جانبي رأسها. ولكل عين مركبة آلاف العدسات المتجمعة بالقرب من بعضها.
يُعَدُّ نحل العسل أول الحشرات التي عُرفت بأنها تستطيع أن تُميز الألوان. وللنحل ثلاثة أنواع من خلايا اللون الحساسة في عيونها. هذه الخلايا البصرية حساسة بشكل خاص إلى اللون الأزرق والأصفر والأشعة فوق البنفسجية التي لا يستطيع الإنسان أن يراها. ولايستطيع النحل، على كل حال، أن يميز اللون الأحمر. فهو، بالنسبة له، يمتزج باللون الأخضر. ويستطيع النحل أن يميز، بالإضافة إلى اللون، مختلف الأشكال الهندسية مثل الأشكال المختلفة لأصناف الأزهار.
قرون الاستشعار مجسّات دقيقة متصلة بعضها ببعض ومرتبطة بمقدمة الرأس. تحتوي هذه المجِسَّات على أعضاء دقيقة وحساسة تساعد على الشم. ومن المحتمل أن تعمل الشعيرات الدقيقة الموجودة على هذه القرون بمثابة أعضاء لَمْس.
الفم. تستعمل النحلة لسانها لتمتص الماء والرحيق والعسل إلى داخل فمها. واللسان أنبوب مرن خارج رأس النحلة، يمكن تقصيره وإطالته وتحريكه في جميع الاتجاهات. وعلى جانبي اللسان فكّان تستعملهما النحلة أداة لمسك الشمع وحبوب اللقاح.
تُربط الجدران الداخلية للفم بعضلات قوية، وتمتص النحلة الرحيق عبر لسانها، ومن خلال فمها إلى معدتها المخصصة للعسل. وتستطيع النحلة أن تعكس هذه العملية، بحيث تعمل على إعادة الغذاء من معدتها إلى الخارج من خلال الفم. وبهذه الطريقة تضع الشغالات الرحيق في خلايا الشمع أو تعطيه إلى نحلات أخرى.
الأجنحة. للنحلة جناحان رقيقان على كل جانب من جوانب الصدر. والجناحان الأماميان أكبر من الجناحين الخلفيين. وعندما تطير النحلة، يرتبط الجناحان الأماميان والجناحان الخلفيان الصغيران بوساطة خطاطيف توجد على طول حافة الأجنحة الأمامية.
تستطيع الأجنحة أن تتحرك إلى أعلى وأسفل، وإلى الأمام والخلف. وتستطيع النحلة أن تطير إلى الأمام وإلى الجوانب والخلف، كما أنها تستطيع أن ترفرف في مكان واحد في الهواء.
الأرجل. للنحلة ثلاث أرجل على كل جانب من صدرها. وفي كل رجل خمسة مفاصل رئيسية بالإضافة إلى أجزاء دقيقة تشكِّل القدم. وتستعمل النحلة الشغالة أرجلها في السير وتنظيف الطلع من جسمها، وفي التعامل مع الشمع. وتحمل الطلع والمادة الراتنجية على رجليها الخلفيتين.
ولكل رجل أمامية تركيب سني ثلمي يدعى منظف قرن الاستشعار، تستعمله النحلة لتنظيف الأوساخ من على قرون استشعارها.
وتوجد على كل رجل خلفية من الخارج، في أرجل شغالات النحل منطقة ملساء محاطة بشعر مقوس تدعى سلة حبوب اللقاح، وتستعمل لحمل حبوب اللقاح. تساعد الشعيرات الموجودة داخل الرجلين الخلفيتين على تفريغ حبوب اللقاح في السلة. وعندما تعود النحلة الشغالة إلى القفير (الخلية) تضع رجليها الخلفيتين في الخلية وترفس أو تفرغ حبوب اللقاح. وتقوم شغالة أخرى باستخدام رأسها لتسوية حبوب اللقاح في أسفل الخلية (الحجيرة).
اللَّسْع. تعتمد النحلة على إبر اللسع التي تُعَدُّ الوسيلة الوحيدة للدفاع عن مسكنها وحياتها. فتنتج الغدد المتصلة بإبرة اللسع مادة سامة تُدعى فينوم تتألف من مواد كيميائية معقدة.
تكون إبرة لسع النحلة الشغالة مستقيمة وعليها أشواك. وعندما تدفع النحلة بإبرة اللسع في الجسم، فإن الأشواك تتثبت بإحكام، ثم تخرج إبرة اللسع من جسم النحلة. وتستمر عضلات إبرة اللسع في الحركة، فتدفع إبرة اللسع بعمق داخل الجرح. وتعمل هذه العضلات في الوقت نفسه على دفع كثير من السم إلى أسفل إبرة اللسع، ثم تموت النحلة الشغالة بمجرد أن تفقد إبرة اللسع الخاصة بها.
للملكة إبرة لسع ملساء منحنية تستعملها فقط لقتل ملكات أخرى. ولاتفقد الملكات إبر اللسع كما يحدث للشغالات. أما الذكور فليس لها إبر لاسعة.
ُتسِّبب لسعة النحلة ألمًا مفاجئًا، حيث يؤدي السم إلى حدوث ألم متواصل وتورُّم. ويجب على الشخص لسعته نحلة أن ينزع إبرة اللسع حالاً، كما يجب أن يكون حريصًا على عدم ضغط هذه الإبرة أو عصرها. وهذا يؤدي إلى خفض كمية السم التي تدخل الجرح. وبعض الناس حساسون جدًا للسعات النحل، ومن المحتمل أن يموتوا من لسعة واحدة إذا لم يبادر الطبيب بعلاجهم.
وفي السبعينيات من القرن العشرين الميلادي، أصبح بعض علماء الولايات المتحدة قلقين من احتمال انتشار حشود من النحل الوحشي (النحل القاتل) الأمريكي الجنوبي في أمريكا الشمالية، فيما لو تمت مضايقته أو أُزعجت خلاياه، حيث يهاجم هذا النحل كل شيء يتحرك. وهو يهاجم بأعداد ضخمة. وإبره قد تؤدي إلى قتل الإنسان والحيوان. ولقد تكاثر هذا النحل في البرازيل في أوائل الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن العشرين.
وقد استورد أحد الباحثين بعضًا من نحل العسل الإفريقي الشرس الذي أنتج كميات كبيرة من العسل. وبعض مستعمرات النحل هربت وبعض ملكاتها تزاوجت مع الذكور المحلية. وانتشرت الأنسال الناتجة بسرعة كبيرة في أنحاء كثيرة من جنوبي أمريكا. وفي نهاية الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي، وصلت هذه الأنسال إلى المكسيك، وكان من المتوقع أن تصل إلى الولايات المتحدة في التسعينيات من القرن العشرين. ولكن الخبراء تنبأوا بعدم قدرتها على العيش والانتشار كثيرًا شمالي خط عرض 34°. لذلك رأوا أن يقتصر وجودها على جنوبي الولايات المتحدة الأمريكية. وفي عام 1985م، تم تدمير مستعمرة معزولة من هذا النحل في ولاية كاليفورنيا.
تنظيم درجة حرارة الجسم. لكي يطير نحل العسل، يجب أن يحافظ على درجة حرارة عضلات الطيران وهي 30°م في الأقل. عندما يكون نحل العسل في حالة الطيران، فإن الحرارة المنبعثة من الطاقة التي يستعملها كافية للحفاظ على عضلات الطيران دافئة.
ويرتعش النحل في حالة عدم الطيران لكي يبقى دافئًا. وبخلاف معظم الحشرات الأخرى، فإن نحل العسل لايلجأ إلى السُبات خلال فصل الشتاء، وبدلاً من ذلك، فإن النحل يتجمع بشكل عنقود كثيف في القفير أو الخلية. ويبقى النحل المتجمع في حالة دفء عن طريق الارتعاش والازدحام لمنع فقد الحرارة.
ويستطيع النحل أيضًا مقاومة الحرارة الزائدة في الخلية. ويبقى النحل في الخلية الحارة بشكل أقل ازدحامًا للسماح بمرور تيارات هوائية فيما بينها. كما أنها تجمع الماء وتنشره في الخلية، وعندما يتبخر الماء يعمل على تبريد الخلية.
حياة نحلة العسل
من البيضة إلى الحشرة الكاملة. ينشأ النحل من البيض الذي تضعه الملكة، حيث يضع الذكر خلال عملية التزاوج السائل المنوي (سائل مخصب) داخل جسم الملكة. يحتوي هذا السائل على نطف (خلايا جنسية ذكرية). وتُخزِّن الملكة هذه الحيوانات المنوية في جراب داخل بطنها. فإذا أُطلقت الملكة حيوانات منوية على بيضة ما، فإنها تفقس نحلة شغالة، وإذا لم تُخصب بحيوان منوي، فإن البيضة تفقس ذكرًا.
ولون بيض نحل العسل أبيض لؤلؤي وبحجم رأس الدبوس. وتبدأ النحلة بالتطور حالما تضع الملكة البيضة. وتنفقس البيضة بعد ثلاثة أيام من وضعها، وتخرج منها يرقة على شكل دودة صغيرة تزحف خارج البيضة. تضع الشغالات الغذاء اليرقي الذي يدعى الهلام أو الغذاء الملكي في أسفل كل خلية من عش الحضانة.
والهلام الملكي مادة قشدية غنية بالفيتامينات والبروتينات. ويتم تشكيله عن طريق الغدد الموجودة في رأس الشغالات الفتية. وعندما يصبح عمر اليرقة ثلاثة أيام تغذيها الشغالات بخليط من العسل وحبوب اللقاح الذي يُدْعى خبز النحل.
تبني الشغالات الغطاء الشمعي فوق الخلايا بعد نحو خمسة أيام من انفقاس اليرقة. وبعدها يحدث التغيُّر الكبير، فتتحول اليرقة الشبيهة بالدودة إلى خادرة. وبعدها تنمو لتصبح حشرة كاملة. تخرق الحشرة الكاملة خليتها المغلقة بعد 21 يومًا من وضع البيض، بينما يستغرق الذكر 24 يومًا ليتطور أو ينمو.
نمو الملكة. تحتاج المستعمرة إلى ملكة جديدة إذ اختفت الملكة القديمة أو أصبحت ضعيفة. ويتطلب الأمر ملكة جديدة أيضًا إذ قررت الملكة القديمة، أو جزء من نحل المستعمرة، المغادرة وبناء خلية جديدة.
تختار الشغالات بطريقة نجهلها بعض اليرقات لتصبح ملكات، فيغذين هذه اليرقات على الغذاء الملكي فقط. وفي الوقت نفسه، تبني شغالات أخرى خلايا خاصة لتنمو بها الملكات. وتشبه خلية الملكة نصف الغلاف الخارجي لحبة الفول السوداني معلقة في قرص العسل. وتتحول يرقة الملكة إلى خادرة بعد خمسة أيام ونصف اليوم من فقسها. وتزحف الملكة خارج شرنقتها بعد 16 يومًا من وضع البيض. ويعتقد العلماء أن بإمكان الشغالات أن يضفن مادة خاصة للغذاء الملكي المخصص للملكة ليجعلن نموها أكثر سرعة وتأخذ شكلاً مختلفًا عنهن.
طيران التزاوج. عندما تخرج الملكة الصغيرة من خليتها الخاصة، فإن النحل في المستعمرة لا يهتم بها كثيرًا. تتغذى هذه الملكات بالعسل فتزداد قوة. فإذا خرجت ملكتان في وقت واحد، فإنهما تتقاتلان حتى تلسع إحداهما الأخرى لسعة مميتة. فالملكة القديمة يمكن أن تغادر الخلية أو تتقاتل مع الملكة الجديدة. وبعد أن تتخلص الملكة الفتية من خصومها تطير خارج القفير أو الخلية. ويمكن أن تتزاوج الملكة مع ذكر واحد فقط أو مع عدة ذكور في بعض الأحيان ثم تعود الملكة الفتية إلى الخلية لتضع البيض بعد يومين أو ثلاثة أيام. وتستطيع الملكة بعد هذا التزاوج أن تضع البيض حتى نهاية حياتها. وتستطيع الملكة أن تعيش حتى يصل عمرها إلى خمس سنوات، وهي تضع نحو مليون بيضة خلال فترة حياتها.
التطريد. عندما تزدحم المستعمرة وتقل قدرة الملكة على وضع البيض؛ أن يتطور هذا البيض إلى خادرات، تُغطي الشغالات الخلايا بالشمع. وبعد أيام قليلة من تغطية خلايا الملكات الجديدات بالشمع، تغادر الشغالات مع الملكة القديمة الخلية على شكل طَرد (سِرْب). ويُسمى طيرانها أو نزوحها لتشكيل مستعمرة جديدة التطريد. وتبقى بعض الشغالات في الخلية للعناية باليرقات والملكة الجديدة.
ويتجمع الطرد على شكل عنقود حول غصن أو دعامة بعد ترك الخلية. وبعدها تبحث الشغالات التي تُسمَّى الكشافات عن موقع جديد للمستعمرة. وكل نحلة تعود إلى الطرد وتقوم برقصات خاصة لشرح المسافة واتجاه الموقع الذي وجدته لباقي النحل. ومن ثَمَّ يبدأ النحل الكشَّاف بالتحري عن مواقع بعضه بعضًا. وبإشارة خاصة، يُسافر الطرد كله إلى أي موقع من هذه المواقع، الذي يبدو أنه الأفضل. والذي يقود الطريق إلى الموقع الجديد هو النحل المخطَّط. ثم تتبعه الملكة.
البحث عن الغذاء. تمدُّ الأزهار النحل بحبوب اللقاح والرحيق اللذيْن يستعملهما غذاءً. وتُعدُّ حبوب اللقاح مصدرًا لإمداد النحل الفتي بالدهون والبروتينات والفيتامينات والمواد المعدنية المهمة. ويُعَدُّ السكر الموجود في الرحيق مصدرًا أساسيًا للطاقة.
تبحث النحلة الكشَّافة عن الغذاء للخلية، وعندما تجد الغذاء تعود إلى الخلية وتستعمل الرقص لتخبر النحل الآخر بمكان الغذاء اعتمادًا على اتجاه الشمس. والرقص يشبه الرقص الذي يستعمله النحل الكشاف ليدل على مكان الموقع المناسب للخلية الجديدة.
فإذا كان الغذاء موجودًا باتجاه الشمس، فإن نحلة كشافة تؤدي سلسلة من الحركات السريعة على شكل الرقم ( على قرص العسل. أما إذا كان الغذاء موجودًا بمقدار 30° إلى يمين اتجاه الشمس، فإنها تؤدي سلسلة من الحركات بمقدار 30° إلى يمين الخط الوهمي العمودي على قرص العسل. ويدل الرقص كذلك على مسافة الغذاء. فكلما كان رقص النحلة الكشافة سريعًا كانت مسافة الغذاء قريبة.
صناعة العسل. للأزهار غدد خاصة تدعى الغدد الرحيقية التي تنتج الرحيق. تمتص شغالات نحل العسل الرحيق من الأزهار بألسنتها الطويلة وتخزنه في معدة العسل. فعندما تملأ النحلة معدة العسل بالرحيق، تعود إلى الخلية وتخرج الرحيق من فمها. وهي تعطي هذا الرحيق إلى نحلة أخرى، أو تضعه في خلية فارغة في القفير. وبعدها تعمل الشغالات الموجودات في القفير على إضافة إنزيمات معينة إلى الرحيق. وعندما يتبخر الماء من الرحيق، يبدأ بالتحول إلى عسل.
تضع الشغالات أغطية من الشمع على الخلايا المملوءة بالعسل. ويجمع مربو النحل العسل من الأقراص، لكنهم يتركون قسمًا كافيًا من العسل في القفير لتغذية النحل. انظر: عسل النحل.
صناعة الشمع. تتطور غددٌ خاصةٌ منتجةٌ للشمع في بطون الشغالات وعمرها عشرة أيام تقريبًا. وتأكل الشغالات كميات كبيرة من العسل، وتعمل الغدد الشمعية على تحويل سكر العسل إلى شمع.
يتسرب الشمع من خلال ثقوب صغيرة في الجسم ويشكل رقائق بيضاء على الوجه الخارجي للبطن، وتشكل النحلة عادة ثماني رقائق في وقت واحد. وتنزع النحلة الرقائق من على بطنها بوساطة أرجلها رافعة إياها إلى فكّيْها. وبعد أن تمضغ النحلة الشمع، تضعه على جزء من قرص العسل الذي تبنيه. وتنتج النحلة شمع النحل عندما تحتاجه لبناء قرص العسل. وتضع النحلة الشمع بشكلٍ عام ابتداءً من اليوم العاشر وحتى اليوم السادس عشر من حياتها. انظر: شمع النحل.
تقسيم العمل. وضع البيض عمل الملكة الوحيد. تضع الملكة البيض في الربيع بمعدل 2,000 بيضة في اليوم، أي بيضة واحدة كل نحو 43 ثانية. والعمل الوحيد الذي تقوم به الذكور هو إخصاب الملكة فقط. ولا تتزاوج في العادة ذكور نحل العسل مع ملكة الخلية التي تعيش فيها.
ومن المحتمل أن تطير بعيدًا لعدة أميال عن خلاياها لتتزاوج مع ملكات من خلايا أخرى. توجد الذكور في المستعمرة خلال الصيف فقط. فهي تعتمد على الشغالات في التغذية لأن ألسنتها ليست طويلة طولاً يمكنها من الحصول على الرحيق. وعندما يصبح الغذاء قليلاً في الخريف تطردها الشغالات خارج الخلية لتموت.
ولا تضع الشغالات بيضًا ولا تتزاوج ولكنها تقوم بإنجاز أعمال مختلفة أخرى. ففي الأيام الثلاثة الأولى من العمر تقوم الشغالة بتنظيف الخلية، كما تقضي بعدها عدة أيام في تغذية نحل العسل وتنميته. ثم تبدأ الشغالة بعد ذلك إنتاج الشمع وبناء خلايا قرص العسل، وبعد الانتهاء من بناء قرص العسل، تقف الشغالات لحراسة مدخل الخلية وتتسلم الرحيق المجموع عن طريق النحل الآخر. وعندما يصبح عمر الشغالة ثلاثة أسابيع، تبدأ البحث عن الغذاء. وتواصل هذا العمل حتى نهاية حياتها. وخلال أيام الصيف المليئة بالعمل، يمكن للشغالات أن تعيش ستة أسابيع فقط، وخلال الأشهر التي يقل فيها العمل في الخريف والشتاء يمكن للشغالات أن يعشن عدة شهور.
أعداء النحل
. للنحل أعداءٌ كثيرون. فالدِّببة وغُرَيْرات العسل والنمل وحيوانات أخرى يمكن أن تُدمّر خلايا النحل أثناء بحثها عن العسل. وهناك أعداء آخرون من الطيور مثل صقر العسل (حوام النحل) ودليل المناحل وآكل النحل (الوروار)، وكلها متخصصة في أكل النحل والزنابير. وديدان الشمع يمكن أن تدمر المستعمرة الضعيفة عن طريق تناول شمع قرص العسل. وتحاول الشغالات أن يلسعن الغزاة لسعات مميتة، ولكنهن لا يفلحن بشكل دائم. وتصطاد الدبابير التي تسمى قاتلات النحل الشغالات فتشلها وتضع بيضها عليها. فعندما تفقس يرقات الدبور، فإنها تتغذى بجسم النحلة المشلولة. وهناك بقٌ يدعى سفاح النحل متخصص في التغذية بالنحل الذي يمسك به على الأزهار. وتهاجم الطفيليات التي تُدعى سوس نحل العسل (القمل) النحل الصغير. وقد دمر هذا السوس آلاف الخلايا في كل من آسيا وأوروبا والأمريكتين الشمالية والجنوبية.
يقع كل من النحل الصغير والمكتمل النمو أحيانًا ضحية لأمراض عفن الحضانة الأوروبي وعفن الحضانة الأمريكي، إذ يمكن أن يحول هذا المرض النحل إلى كتلة صمغية لا حياة فيها. وتؤدي أيضًا بعض العمليات الزراعية التي يمارسها الإنسان إلى قتل النحل، مثل استخدام المبيدات الحشرية التي تتسبب في قتل أعداد كبيرة من النحل سنويًا. كما أن استخدام مبيدات الحشائش يؤدي إلى إزالة الحشائش التي تُعدُّ أزهارها مصدرًا غذائيًا مهمًا للنحل.
أنواع النحل
هنالك نحو 20,000 نوع من النحل. يمكن تقسيمها إلى مجموعتين رئيسيتين: النحل الاجتماعي والنحل الانعزالي (غير الاجتماعي). ويعيش النحل الاجتماعي في مستعمرات، بينما يعيش النحل الانعزالي وحيدًا. ومعظم أنواع النحل من النوع الانعزالي (غير الاجتماعي).
النحل الاجتماعي. يعيش هذا النوع في مستعمرات يتراوح عدد النحل في المستعمرة الواحدة فيها ما بين 10- إلى - 80,000 نحلة. ويبدو أن نحل العسل يعيش في مجتمعات أكثر تطورًا من الأنواع الأخرى. والنحل الطنَّان والنحل غير اللاسع يشبه نحل العسل في تطوره الاجتماعي.
النحل غير اللاسع له إبرُ لسع صغيرة، ولكن لايستعملها بمثابة أسلحة، ويفضِّل أن يعضّ بفكيه. ويعيش هذا النوع من النحل في المناطق المدارية وشبه المدارية فقط.
يختلف حجم النحل غير اللاسع حيث يصل أكبر حجم له إلى حجم نحل العسل، في حين يصل أصغر حجم له إلى حجم البعوضة. يبني النحل غير اللاسع الأعشاش على الأشجار، وعلى الجدران، وفي خلايا بسيطة، أو في مناطق مكشوفة، ويبني أقراص عسله عادة في طبقات أفقية. ويحيط جدار خارجي بالعش عدا مدخل صغير. وتحتوي المستعمرات على عددٍ من النحل يتراوح بين 50 و عشرات الآلاف من النحل.
ويخزن بعض النحل الكبير غير اللاسع العسل. وقد كان هذا العسل، لفترة طويلة، مصدر غذاء مهمًا للناس في جميع المناطق المدارية.
النحل الطنان يعيش في مستعمرات مؤلَّفة من عدد يتراوح، بين 50 وعدة مئات من النحل. ولعسله طعم سائغ، لكن تحتوي أعشاشه على كميات قليلة.
النحل الانعزالي (غير الاجتماعي). يعيش هذا النوع منفردًا، ولكن في بعض الأحيان، تتجمع آلاف من النحل الانعزالي في منطقة صغيرة وتبني أعشاشها قريبة من بعضها بعضًا. ولا يوجد هناك شغالات بين النحل الانفرادي. فكل أنثى تشبه الملكة تنجز عملها الخاص بها، حيث تبني عشها الخاص وتخزن الطلع والرحيق فيه. وبعد ذلك تضع بيضة على الطلع في كل خلية وتغلق العش ثم تطير بعيدًا. وعندما ينفقس البيض، تتغذى اليرقات بالغذاء المخزن. ومن أهم أنواع النحل الانعزالي نحل الخشب والنحل القاطع للأوراق ونحل المناجم والنحل البنَّاء والنحل الوقواقي.
نحل الخشب يبني أعشاشه على رؤوس الأغصان أو الفروع. تحفر الأنثى نفقًا وتضع حبوب اللقاح والرحيق في أسفله ثم تضع بيضة واحدة. كما تنشر قليلاً من نشارة خشب ملتصقة بعضها ببعض بوساطة لعابها في أعلى الخلية. ويكون هذا السطح قاعدة للخلية التي تأتي فوقها. والنفق سلسلة من الخلايا وكل خلية منه تحتوي على غذاء وبيضة واحدة.
النحل القاطع للأوراق يعمل على تقطيع الأوراق إلى قطع صغيرة، ويجمعها على شكل أعشاش صغيرة ضمن أنفاق، ويضع البيض على الغذاء الذي وضعه في الأعشاش. ويمكن أن يبني أنفاقه في الأرض وعلى الأغصان أو في قطع من الخشب الطري. ويمكن أن يحتوي النفق الواحد على ست خلايا أو أكثر حيث توجد الواحدة فوق الأخرى.
نحل المناجم عادة يحفر أنفاقًا في الأرض، وتُظهر بعض الأصناف ميلها إلى تكوين حياة اجتماعية.
وبعد أن يحفر عدد قليل من النحل قناة رئيسية، تبدأ كل أنثى بحفر قناة قصيرة في جوانب الجدران. وتعمل الأنثى على إمداد هذه القناة القصيرة بحبوب اللقاح والرحيق، ثم تضع البيضة على هذا الطعام. وتضع بعض أصناف نحل المناجم حارسًا على المدخل الرئيسي للقناة، فيهاجم هذا الحارس أي غريب عن الخلية.
النحل البنَّاء يبني في بعض الأحيان أعشاشه في الخشب المتحلل أو في قواقع الحلزون. يعمل أحد هذه الأصناف على تقوية قوقعة الحلزون بلعابه وأجزاء صغيرة من الحجارة. تضع الأنثى الغذاء في القوقعة ثم تضع بيضة ومن ثم تعمل على تغطية كامل العش بالأعشاب الجافة أو الأغصان أو بأوراق الصنوبر. وهنالك صنف آخر من النحل البنَّاء يبني عشه على الجدار أو على صخرة كبيرة فيجمع الطين ويبلله باللعاب ويشكل خلايا تلتصق على الجدار، وتمد الأنثى الخلايا بالغذاء وتضع بيضة في كل خلية. ثم تغطي مجموعة الخلايا بمزيج من الطين واللعاب. ويجف الطين ويتصلب ويحمي البيض.
النحل الوقواقي لايبني أعشاشه، ولا يستطيع تزويد صغاره بالغذاء لأنه بدون سلال طلع في أرجله الخلفية. تضع بعض أصناف النحل الوقواقي بيضها في أعشاش النحل الانعزالي الآخر. فتفقس يرقات النحل الوقواقي أولاً وتأكل الغذاء قبل أن تفقس اليرقات الأخرى.
يتبع بحشرات و حيوانات أخرى بإذن الله...